- تنبيههم إلى احترام ممتلكات الآخرين والحرص على المحافظة عليها، وعدم التعدي عليهم فيها، سواء في الأمور والأشياء المشاعة للجميع أو الخاصة بالأفراد.
عن أنس- رضي الله عنه- قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي عندها النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة، فانفلقت؛ فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارت أمكم) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه)).
52- ترغيبهم في الدعاء لأنفسهم والدعاء لغيرهم مبتدئين بالوالدين والأقربين، وخصوصا حال الملمات والنكبات، وتذكيرهم بأهمية الدعاء للإسلام والمسلمين في المشارق والمغارب، ليكون ذلك ديدنا لهم وطبعا فيهم.
53- تقسيم أعمال البيت بينهم، وتحديد المسؤوليات فيه، وتعويدهم على المشاركة في أعماله، والمساهمة في القيام بشؤونه، ومن عجز عن تقديم العون لغيره، فلا أقل من أن يقوم بشأن نفسه من ترتيب وتنظيف حتى لا يكون كلا على غيره معتمدا على سواه.
عن الأسود، قال: سألت عائشة- رضي الله عنها-: ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في أهله؟ فقالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج ".
وقالت: ((يخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجل في بيته))وفي رواية: قالت: ((ما يصنع أحدكم في بيته: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط)). وفي رواية: ((كان بشرا من البشر؛ يفلي ثوبه، ويحلب شاته)).
54- تعليم الأبناء فنون البيع والشراء وضوابطه وطرائقه، وإكسابهم الثقة في أنفسهم منذ الصغر عليه.
55- تعويدهم على النوم مبكرا، وتحذيرهم من السهر طويلاً، وطبعهم على الاستيقاظ المبكر قبل صلاة الفجر لصلاة الوتر والاستغفار؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعده.
56- إشغالهم ببعض الأعمال الحرفية النافعة كالنجارة والسباكة والزراعة بالنسبة للذكور، وكالخياطة والحياكة والتطريز بالنسبة للإناث، وملء أوقات فراغهم بها.
57- تعليمهم الرقية الشرعية وضوابطها، فيتعلمون كيف يرقو المريض نفسه، أو كيف يقرأ بالتعاويذ الشرعية من الكتاب والسنة على غيره.
عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليها بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها. وفي رواية: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به).
وعنها- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى، ويقول: (اللهم رب الناس أذهب البأس ..)).
58- جمع الأوراق والدفاتر والكتب والجرائد التي يوجد بها آيات كريمة أو أحاديث نبوية لم تعد تصلح للاستعمال تمهيدا للتخلص منها بطريقة صحيحة كالحرق والدفن، وهذا العمل- على صغره يربي الأهل على احترام كلام الله وتقديسه، وعدم إهانته وتدنيسه.
*- يمكن استخدام قصاصة- فرامة- الورقة لهذه المهمة.
59- أن يعود أهل بيته على التواضع ولين الجانب كالأكل مع الخادم، والجلوس معه، والحديث إليه، وإدخال السرور عليه، والمشاركة له في أفراحه وأتراحه، وخصوصا حال مرضه وسقمه أو حنينه وحزنه.
عن أبي هريرة- رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه)).
ثالثا: مشاركتهم في الدعوة إلى الله تعالى
قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104].
60- تشجيع الأهل على الدعوة إلى الله تعالى في أوساطهم التي يخالطون فيها غيرهم كالمدارس والقرابة والجيران والأصحاب، وينبغي مساعدتهم على ذلك بمدهم بالأشرطة والكتيبات والمطويات وإعلانات المحاضرات، وغيرها من السبل المشروعة للدعوة إلى الله تعالى.
عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي- رضي الله عنه يوم خيبر: ((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم)).
61- حثهم على المشاركة في المجلات الإسلامية بالكتابة فيها، والنقد الهادف لها، وبالنصيحة المخلصة للقائمين عليها، وبالدعاية إليها، وغير ذلك من وجوه المشاركة فيها.
62- إشراكهم في البرامج الدعوية التي يقوم عليها رب الأسرة، ويمكن استغلال طاقاتهم في ذلك، وتربيتهم على المشاركة الفعالة في وجوه الأنشطة الدعوية، مثل: إعداد الرسائل وترتيب الأشرطة وفهرستها وتصنيف الكتب وترتيبها وتنظيم المكتبات والعناية بها.
63- تدريبهم على كتابة الردود الصحيحة على الأقلام القبيحة المفسدة التي تشذ عن الحق وتوغل في الباطل، وإرسال مقالاتهم- بعد تنقيحها- إلى الجرائد والمجلات التي تنشر ذلك الزيف أو غيرها ليعلو صوت الحق، ولتستبين سبيل المجرمين.
64- إرسال الرسائل الدعوية لهواة المراسلة الذين يظهرون في الجرائد والمجلات مع بعض الكتيبات والمطويات، وإعداد برنامج دعوي متكامل لهذه الوسيلة الدعوية الناجحة، كل بحسبه؛ الرجال مع الرجال، والنساء مع النساء.
65- كتابة رسائل النصح والوعظ والتذكير لمن عرف عنه إشاعة المنكر بين الناس كالممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وكتاب الشعر الرخيص المبتذل، فلعله ينجو بها ناج، ومعذرة إلى الله، ولعلهم يهتدون أو يرتدعون.
66- تشجيعهم على كتابة المقالات المفيدة المختصرة للمشاركة بها في مدارسهم كطابور الصباح والحفلات والأنشطة المدرسية.
67- غرس شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قلوبهم، وذلك بممارسته أمامهم، وترغيبهم فيه، وحثهم عليه عند حدوث ما يستدعيه.
قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} [لقمان:17]
* كم هو الأثر بالغ في قلب رجل مدخن عندما يأتي إليه طفل صغير يحذره منه وينهاه عنه!
* وكم هي الاستجابة من شابة غافلة تستمع للمعازف والأغاني عندما تأتيها طفلة صغيرة تذكر لها حرمته وتنذرها من خطورتها!
68- إشغالهم بأحوال العالم الإسلامي وقضاياه ومشاكله،حتى ينشغلوا بالعظائم والمهمات، ولا يلتفتوا إلى التوافه والمحقرات، وتتولد لديهم عاطفة إيمانية للمؤمنين وولاء قلبي للمسلمين.
فعلى قدر الهمم تكون الهموم، ومن حلق فوق النجوم فلن يقنع بما دونها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة- رضي الله عنها: ((يا عائشة! لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر، فإن قومك قصروا في البناء)).
69- رصد سلبيات وإيجابيات المجتمع، وما يحدث في الواقع من أحداث ووقائع، وبعث نتائجها إلى العلماء والمشايخ ليكونوا على علم جامع بحقيقة الواقع، وحتى يكون حلهم أنفع وعلاجهم أنجع.
70- إعداد درس نسائي أسبوعي أو على الأقل شهري في البيت، فتدعى له الجارات والقريبات والمعارف، وتلقي فيهن إحدى الداعيات درسئا فيما يخص النساء، ومهفة أهل البيت الإعداد له والاستفادة منه، فينمو لديهم الحس الدعوي، والحرص على بذلك الخير للغير.
71- تعويدهم على الخطابة وإلقاء المواعظ، وتنبيههم إلى آداب ووسائل مواجهة الناس والتأثير فيهم، من خلال تكليف أحدهم بإعداد موعظة قصيرة تلقى على الأهل، ويتم تقويم الموعظة وأسلوبها وإبداء السلبيات والايجابيات عليها من الجميع.
* ينبغي التنبيه على أهمية رفع الروح المعنوية للملقي، وغرس الثقة في النفس، دون الوصول به إلى الغرور والإعجاب بالنفس.
72- توزيع الكتيبات والمطويات والأشرطة النافعة على الناس عند إشارات المرور، فحالما يقف الوالد بمركبته بجوار غيره، فإن أحد الأبناء يعطيه كتابا أو شريطا مع ابتسامة صادقة ولمسة حانية، ثم إذا تحركت المركبة فإن الوالد يدعو بالهداية لمن أخذ الهدية والأهل يؤمنون ليتعلم الأهل الدعاء مع الدعوة.
73- اعتاد القرابة والجيران والأصدقاء في زياراتهم لبعضهم في المناسبات وغيرها أخذ شيء من الهدايا كالمأكولات والمشروبات والملبوسات، وهذا حسن، والأحسن منه أن يربي الوالد أهل بيته في هذه الزيارات على أخذ جملة من الأشرطة والكتب كهدية مختلفة عما ألفه الناس، ليربي أهله على الدعوة إلى الله تعالى ونشر الخير بين أولى الناس بهم.
* يوجد بالتسجيلات والمكتبات الإسلامية الكثير من السلاسل العلمية التي أعدت بشكل جميل ومناسب للاهداء.
رابعا: تهذيب نفوسهم وتقويم سلوكهم
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6].
74- زيارة الأسر الفقيرة، وتفقد أحوالهم، ومد يد المساعدة لهم.
وبهذه الزيارات تتحقق الصلات، وتقوى الروابط، وتنشأ المشاعر الوجدانية الإيمانية بين المجتمع الواحد، وينتج عنها أثر كبير في قلوب الأهل، فيعرفون نعم الله عليهم، ويقومون بشكرها، ويرضون بما قسم الله لهم منها، ويمدون يد العون لإخوانهم في الدين.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)).
75- زيارة المرضى في المستشفيات- إن أمنت الفتنة!- ودور النقاهة ومراكز الاعاقة، ليتعرف الأهل على فضل الله عليهم بما يشاهدون من مشاهد الحزن والألم التي يرونها بادية على وجوه أهل البلايا.
* يستحب أخذ بعض الهدايا للمرضى، وخصوصا من هم في مراكز الاعاقة ودور النقاهة لطول مكثهم فيها.
ولا أعني بالهدايا علب الحلوى وباقات الزهور، فالنفع منها قليل، ولكن أقصد الهدايا التي تحيي القلوب وتشرح الصدور، مثل الكتيبات والمطويات.
76- زيارة القبور- للذكور- وتشييع الجنائز، والسير معها إلى حيث توارى الثرى.
فإذا رأى الولد من أبنائه تقصيرا في طاعة الله أو تجرؤا على معصيته، فليأخذ بأيديهم إلى هناك، ويذكرهم بمآلهم بعد مفارقة الدنيا.
فيا لهذه الزيارة... ما أعظم أثرها! وما أكبر عبرها!
77- زيارة المدارس التي ينتسب لها الأبناء والبنات للوقوف على سلوكياتهم وسلوكياتهن، وأبرز مميزات شخصياتهم، والتعرف على مواطن الخلل والزلل في أفعالهم وأقوالهم عندما يشعرون بتغيب رقابة الوالدين عنهم.
78- عندما يخطئ أحدهم خطأ عظيما لا يغتفر.. فإن هناك أسلوبا نبويا للتربية، قد غاب عن كثير من المربين، وهو هجر المخطئ لمدة معينة من الزمن.
فبدلاً من القسوة في القول، والغلظة في الحديث، فلنتعلم أن نقسو عليهم بالكف عن الحديث، والامتناع عن المعاملة.
* راجع قصة الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك.
79- هل جربت أيها الوالد أن تكتب لابنك أو زوجتك أو لأحد من أهل بيتك رسالة؟!
قد تقولي لي: وما الداعي لذلك وهم معي لا يفارقونني؟! أقول: جرب هذا.. ولا تنس أن تدعو لي عندما ترى النتيجة الباهرة!
فعندما ترى من أحدهم سلوكا خاطئا لا ترتضيه منه، ونصحته فلم يأتمر ووعظته فلم ينزجر.. فاكتب له ببراع النصيحة رسالة مدبجة بعبارات المحبة والإشفاق، ثتم اذكر بين ثناياها ما يأتي أو يذر من أمر، وستجني- بإذن الله- ثمرة الرضا بعد غرس بذرة النصيحة بالطريقة الصحيحة.
80- الرحلات المشتركة مع مجموعة من الأسر المحافظة على دينها، والمتوافقة في التزامها، والمتجانسة في استقامتها، ليشعر المسلم الملتزم بعدم الغربة في طريقه، ويجد من يعينه عليه، ومن يمضي معه فيه.
* يحسن إعداد برنامج دعوي متكامل خلال الرحلة، متزامنا ومتلازما مع جانب الترفيه والتسلية بالمباح.
81- استغلال الرحلات الترفيهية والنزهات البرية أو البحرية أو الجوية في تقوية الإيمان في قلوبهم، وذلك بربطهم بخالقهم في كل ما يرون ويسمعون ويعيشون، فيريهم الدنيا بمنظار الآخرة، فالجمال يذكر بالجنة وما فيها من نعيم وخيرات، والقبح والسوء يذكر بنار السموم وما فيها من آفات ومهلكات.
فالجبال تذكر بقوة الله- سبحانه- والسموات تخبر عن قدرته، والبحار تنبئ عن عظمته، والسحاب يومئ إلى رحمته، وهكذا يعيش المسلم مع أهله بقلب الحي المتيقظ.
يردد معهم دائما في تأمل وتدبر، وتذكر قوله تعالى: {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه} [لقمان: 11].
والمعرض عن الله يعيش سبهللاً بحياة الغافل الجاهل البليد.
82- النصيحة الجماعية للأهل، ويتم ذلك بجمعهم ووعظهم وإسداء النصح لهم دون تخصيص لأحد منهم. وخصوصا للأمور التي يشتركون فيها جميعا، كالترغيب في الصدقة، والإحسان للآخرين، وبذل المعروف لهم، وكف الأذى عنهم، والتحذير من سوء المعتقدات والأقوال والأفعال.
83- النصيحة الفردية لأحد أفراد الأسرة، فعندما يرى رب الأسرة من أحدهم تقصيرا في حق ربه، أو خللاً في أخلاقه أو سوءا في معاملته؛ فإنه ينفرد به عن غيره، ويسدي له النصيحة مدبجة بأعذب الألفاظ وأرق العبارات وأخلص الكلمات.
تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
84- التربية من خلال الأحداث والوقائع السارة والضارة التي تحدث للأسرة.
فعندما يحصل للأسرة كفها أو لأحد من أفرادها ما يكره،فإنه يرجع ذلك للذنوب والسيئات والتقصير في حق الله تعالى. وعندما يحدث لهم ما يفرحهم، ويجلب السرور لهم، فإنه يحيل ذلك لكرم الله معهم وفضله عليهم، ولعل أحدهم أحدث طاعة لله تعالى كان من نتائجها توفيق الله لهم فيما يحبون وصرفه عنهم ما يكرهون.
وبذلك تتعلق القلوب بعلام الغيوب في نزول المكروه وحصول المحبوب.
85- تربية الأهل بالمواقف في الأزمات..كالصبر على المقدور، والرضا بالقضاء، والثبات حتى الممات حال الملمات.
فرب الأسرة قلبها ورأسها، فإن استقام القلب تبعه القالب،وإذا جزع وفزع في البلاء بالضراء، وطغى وبغى في البلاء بالسراء، فأهل البيت تبع له في أكثر الأحوال في الأقوال والأفعال، فهم يرونه بعين المقتدي، ويلمحونه ببصر المهتدي. فليتق الله كل مسؤول عن أسرته، فإنهم يقومون به، ويتأثرون بأقواله وأفعاله، ويقتفون بما يصدر منه ويؤثر عنه.
86- الهدايا مطايا المحبة، وبريد المودة، وسبيل التأثر، فكم هدية أرسلت من رب الأسرة لأحد أفرادها مشفوعة بنصيحة لطيفة في كتاب أو شريط أو رسالة أو كلام، فتح لها باب القبول، فالقلوب مجبولة على محبة من أكرمها بالعطاء وتفضل عليها بالبذل والإهداء.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).
87- فرض رسومات مالية كعقوبة على كل من يتكلم بباطل أو يتفوه بلغو حرام كسب وشتم ولعن وكذب وسخرية، وتوضع تلك الرسوم في صندوق معين، ويجمع ما فيه، ويتصدق بما فيه على الفقراء، بعد رضى الجميع، وقبولهم بالفكرة واقتناعهم بالطريقة.
88- قد ينشغل رب الأسرة عنهم في بعض الأحوال لمدة طويلة من الزمان، ويبتعد عنهم في المكان، وهنا يلزمه استغلال الهاتف للاتصال بهم والسؤال عنهم ومتابعة شؤونهم، وليشعرهم أنه ما زال مهتما بهم وحريصا عليهم ومتابعا لأقوالهم وأفعالهم.
89- تسجيل الأهل في المراكز الصيفية التي تقام في الإجازات لما فيها من تنمية للقدرات وتدريب على المهارات وإشغال للوقت بما يعود عليهم بالخير في دنياهم وأخراهم، ومع وجوب حسن اختيار القائمين عليها ومتابعتهم فيها.
90- الزيارة الجماعية للأقارب وذوي الأرحام والجيران، وتذكير الجميع بوجوب ذلك، وبيان الأجور المترتبة عليها لمن أخلص لله تعالى فيها.
91- اصطحاب الأب لأبنائه الذكور معه في الذهاب والإياب والمجالس المباركة والزيارات النافعة، ليتعلم الأبناء كيف يعاملون الناس ويجالسونهم ويستفيدون منهم ويتأثرون بهم ويؤثرون فيهم.
92- عندما يهتم أحد أفراد الأسرة بالسفر، فإنه يعطي بطاقة وصايا مغلفة، يكتب فيها بعض الوصايا والتنبيهات، وبعض المحاذير والمخالفات، مع عبارات رقيقة، لتكون له زادا مباركا في سفره، ليستعين بها على أمر دينه ودنياه.
مثل: احفظ الله يحفظك- اتق الله حيثما كنت- احفظ بصرك من المحرمات- احذر جليس السوء-... ونحوها، وحبذا لو عطفت بهدية مفيدة كمصحف صغير وكتاب أذكار وبعض الأشرطة المناسبة..
93- مداعبة الأهل بالمباح، وإدخال السرور عليهم بالحلال، ليعلموا أن في ديننا فسحة وفي شريعتنا سعادة وراحة.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيهبش إليه)). وكسباق النبي صلى الله عليه وسلم- لعائشة- رضي الله عنها- في غزوتين من غزواته، وقولها لها: ((هذه بتلك السبقة)). وكإرساله البنات الجواري ليلعبن معها في بيته صلى الله عليه وسلم.
94- زيارة العلماء والدعاة وطلاب العلم وأهل الخير والصلاح في منازلهم وأماكن أنشطتهم الخيرية والدعوية، للتعلم منهم، والاقتداء بهم، والتعاون معهم.
95- القدوة العملية ببر الوالدين والإحسان إليهم، والبذل لهم والرفق بهم والسماحة معهم- إن كانوا أحياء- لما لذلك من أثر إيجابي في تربيتهم.
96- تعليق السوط في مكان بارز في البيت، ليستشعر المخطئ والمفرط والمتعدي أن العقوبة له بالمرصاد إذا زل أو ضل.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه أدب لهم)).
97- ترغيب الأهل في الجلوس مع كبار السن للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم في الحياة، والوقوف على طبيعة حياتهم وشديد معاناتهم وتحملهم لشظف العيش، وخصوصا من غرف منهم بالحكمة والعقل والاتزان والدين والعلم.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(البركة مع أكابركم)).
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا، فليس منا)).
98- عندما يشتري الوالد سلعة مغشوشة كالفاكهة، فإنه يجمع أهله ليريهم سوء هذه الصنيع ويقبحه في أنظارهم، ثم يدعو بالصفح والمغفرة لمن غشه من المسلمين، ويدعو له بالصلاح والهداية، وأهله يؤمنون على دعائه، فيتعلم الأهل منه الصفح والعفو لمن أساء إليهم أو أخطأ عليهم، ويستشعرون شناعة الغش وقباحة التدليس والتلبيس..
99- الخروج مع الأهل في ليلة مقمرة إلى فلاة مأمونة خارج نطاق العمران، ليريهم بديع صنيع الله في خلق السموات ونجومها وأفلاكها، ويذكرهم بظلمة القبور ووحشتها، وغير ذلك من المسائل التربوية التي ينبغي أن يوقفهم عليها ويريبهم بها.
100- تفريغ أحد المربين الصالحين لملازمة الأبناء وتربيتهم وتعليمهم القرآن وآدابه، والعلم الشرعي وأحكامه، وطبعهم على العادات الحميدة والأخلاق الكريمة، ويمكن إعداد برنامج مشترك لمجموعة من الأسر المتجانسة لكفالة هذا المربي للعناية بأبنائهم.
وأعتقد جازما أن توفير هذا المربي أولى وأنفع من جلب الخادمات في البيوت، فمتى ندرك أن قلوب وعقول أبنائنا أهم وأعظم من أجسادهم وقوالبهم؟!
الخاتمة
أيها الكريم:
هذه عصارة الفكر، وخلاصة التجربة، ونتيجة البحث والتلقي، تراها بين يديك بعد أن أرسلت إليك.
فما وجدت فيها من خير وصواب، فهو من توفيق الكريم الوهاب {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88].
فعض عليها بالنواجذ، واقبض عليها بكف الحرص، وكن بها عالما، وبما فيها عاملاً، وإليها داعيا وعليها صابرا، وادع لأخيك بالقبول والثواب.
وما وجدته فيها من خطأ وخطيئة، فاطرحه جانبا، وانبذه قصيا، فالحق أحق أن يتبع، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وادع لأخيك بالمغفرة لزلـله، والصفح عن خلله، واعلم أنها ذنوبه التي أركسته، ومعاصيه التي كبلته، وخطاياه حالت بينه وبين الحق، فكن له ناصحا، ومن المخالفة مخلصا، ولن تجد منه إلا آذانا صاغية، وأكفا داعية..
وسلام من الله عليك، ورحمة منه إليك- بفضله وكرمه- وهو ذو الفضل العظيم، وصلى الله على رسولنا الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين.
عن أنس- رضي الله عنه- قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام، فضربت التي عندها النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة، فانفلقت؛ فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: (غارت أمكم) ثم حبس الخادم حتى أتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت فيه)).
52- ترغيبهم في الدعاء لأنفسهم والدعاء لغيرهم مبتدئين بالوالدين والأقربين، وخصوصا حال الملمات والنكبات، وتذكيرهم بأهمية الدعاء للإسلام والمسلمين في المشارق والمغارب، ليكون ذلك ديدنا لهم وطبعا فيهم.
53- تقسيم أعمال البيت بينهم، وتحديد المسؤوليات فيه، وتعويدهم على المشاركة في أعماله، والمساهمة في القيام بشؤونه، ومن عجز عن تقديم العون لغيره، فلا أقل من أن يقوم بشأن نفسه من ترتيب وتنظيف حتى لا يكون كلا على غيره معتمدا على سواه.
عن الأسود، قال: سألت عائشة- رضي الله عنها-: ما كان يصنع النبي صلى الله عليه وسلم في أهله؟ فقالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج ".
وقالت: ((يخصف نعله، ويعمل ما يعمل الرجل في بيته))وفي رواية: قالت: ((ما يصنع أحدكم في بيته: يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخيط)). وفي رواية: ((كان بشرا من البشر؛ يفلي ثوبه، ويحلب شاته)).
54- تعليم الأبناء فنون البيع والشراء وضوابطه وطرائقه، وإكسابهم الثقة في أنفسهم منذ الصغر عليه.
55- تعويدهم على النوم مبكرا، وتحذيرهم من السهر طويلاً، وطبعهم على الاستيقاظ المبكر قبل صلاة الفجر لصلاة الوتر والاستغفار؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء والحديث بعده.
56- إشغالهم ببعض الأعمال الحرفية النافعة كالنجارة والسباكة والزراعة بالنسبة للذكور، وكالخياطة والحياكة والتطريز بالنسبة للإناث، وملء أوقات فراغهم بها.
57- تعليمهم الرقية الشرعية وضوابطها، فيتعلمون كيف يرقو المريض نفسه، أو كيف يقرأ بالتعاويذ الشرعية من الكتاب والسنة على غيره.
عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات، فلما ثقل كنت أنفث عليها بهن، وأمسح بيد نفسه لبركتها. وفي رواية: (فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به).
وعنها- رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله، يمسح بيده اليمنى، ويقول: (اللهم رب الناس أذهب البأس ..)).
58- جمع الأوراق والدفاتر والكتب والجرائد التي يوجد بها آيات كريمة أو أحاديث نبوية لم تعد تصلح للاستعمال تمهيدا للتخلص منها بطريقة صحيحة كالحرق والدفن، وهذا العمل- على صغره يربي الأهل على احترام كلام الله وتقديسه، وعدم إهانته وتدنيسه.
*- يمكن استخدام قصاصة- فرامة- الورقة لهذه المهمة.
59- أن يعود أهل بيته على التواضع ولين الجانب كالأكل مع الخادم، والجلوس معه، والحديث إليه، وإدخال السرور عليه، والمشاركة له في أفراحه وأتراحه، وخصوصا حال مرضه وسقمه أو حنينه وحزنه.
عن أبي هريرة- رضي الله عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنه ولي حره وعلاجه)).
ثالثا: مشاركتهم في الدعوة إلى الله تعالى
قال تعالى: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} [آل عمران: 104].
60- تشجيع الأهل على الدعوة إلى الله تعالى في أوساطهم التي يخالطون فيها غيرهم كالمدارس والقرابة والجيران والأصحاب، وينبغي مساعدتهم على ذلك بمدهم بالأشرطة والكتيبات والمطويات وإعلانات المحاضرات، وغيرها من السبل المشروعة للدعوة إلى الله تعالى.
عن سهل بن سعد- رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي- رضي الله عنه يوم خيبر: ((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم)).
61- حثهم على المشاركة في المجلات الإسلامية بالكتابة فيها، والنقد الهادف لها، وبالنصيحة المخلصة للقائمين عليها، وبالدعاية إليها، وغير ذلك من وجوه المشاركة فيها.
62- إشراكهم في البرامج الدعوية التي يقوم عليها رب الأسرة، ويمكن استغلال طاقاتهم في ذلك، وتربيتهم على المشاركة الفعالة في وجوه الأنشطة الدعوية، مثل: إعداد الرسائل وترتيب الأشرطة وفهرستها وتصنيف الكتب وترتيبها وتنظيم المكتبات والعناية بها.
63- تدريبهم على كتابة الردود الصحيحة على الأقلام القبيحة المفسدة التي تشذ عن الحق وتوغل في الباطل، وإرسال مقالاتهم- بعد تنقيحها- إلى الجرائد والمجلات التي تنشر ذلك الزيف أو غيرها ليعلو صوت الحق، ولتستبين سبيل المجرمين.
64- إرسال الرسائل الدعوية لهواة المراسلة الذين يظهرون في الجرائد والمجلات مع بعض الكتيبات والمطويات، وإعداد برنامج دعوي متكامل لهذه الوسيلة الدعوية الناجحة، كل بحسبه؛ الرجال مع الرجال، والنساء مع النساء.
65- كتابة رسائل النصح والوعظ والتذكير لمن عرف عنه إشاعة المنكر بين الناس كالممثلين والممثلات والمطربين والمطربات وكتاب الشعر الرخيص المبتذل، فلعله ينجو بها ناج، ومعذرة إلى الله، ولعلهم يهتدون أو يرتدعون.
66- تشجيعهم على كتابة المقالات المفيدة المختصرة للمشاركة بها في مدارسهم كطابور الصباح والحفلات والأنشطة المدرسية.
67- غرس شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قلوبهم، وذلك بممارسته أمامهم، وترغيبهم فيه، وحثهم عليه عند حدوث ما يستدعيه.
قال تعالى: (يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور} [لقمان:17]
* كم هو الأثر بالغ في قلب رجل مدخن عندما يأتي إليه طفل صغير يحذره منه وينهاه عنه!
* وكم هي الاستجابة من شابة غافلة تستمع للمعازف والأغاني عندما تأتيها طفلة صغيرة تذكر لها حرمته وتنذرها من خطورتها!
68- إشغالهم بأحوال العالم الإسلامي وقضاياه ومشاكله،حتى ينشغلوا بالعظائم والمهمات، ولا يلتفتوا إلى التوافه والمحقرات، وتتولد لديهم عاطفة إيمانية للمؤمنين وولاء قلبي للمسلمين.
فعلى قدر الهمم تكون الهموم، ومن حلق فوق النجوم فلن يقنع بما دونها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة- رضي الله عنها: ((يا عائشة! لولا حدثان قومك بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر، فإن قومك قصروا في البناء)).
69- رصد سلبيات وإيجابيات المجتمع، وما يحدث في الواقع من أحداث ووقائع، وبعث نتائجها إلى العلماء والمشايخ ليكونوا على علم جامع بحقيقة الواقع، وحتى يكون حلهم أنفع وعلاجهم أنجع.
70- إعداد درس نسائي أسبوعي أو على الأقل شهري في البيت، فتدعى له الجارات والقريبات والمعارف، وتلقي فيهن إحدى الداعيات درسئا فيما يخص النساء، ومهفة أهل البيت الإعداد له والاستفادة منه، فينمو لديهم الحس الدعوي، والحرص على بذلك الخير للغير.
71- تعويدهم على الخطابة وإلقاء المواعظ، وتنبيههم إلى آداب ووسائل مواجهة الناس والتأثير فيهم، من خلال تكليف أحدهم بإعداد موعظة قصيرة تلقى على الأهل، ويتم تقويم الموعظة وأسلوبها وإبداء السلبيات والايجابيات عليها من الجميع.
* ينبغي التنبيه على أهمية رفع الروح المعنوية للملقي، وغرس الثقة في النفس، دون الوصول به إلى الغرور والإعجاب بالنفس.
72- توزيع الكتيبات والمطويات والأشرطة النافعة على الناس عند إشارات المرور، فحالما يقف الوالد بمركبته بجوار غيره، فإن أحد الأبناء يعطيه كتابا أو شريطا مع ابتسامة صادقة ولمسة حانية، ثم إذا تحركت المركبة فإن الوالد يدعو بالهداية لمن أخذ الهدية والأهل يؤمنون ليتعلم الأهل الدعاء مع الدعوة.
73- اعتاد القرابة والجيران والأصدقاء في زياراتهم لبعضهم في المناسبات وغيرها أخذ شيء من الهدايا كالمأكولات والمشروبات والملبوسات، وهذا حسن، والأحسن منه أن يربي الوالد أهل بيته في هذه الزيارات على أخذ جملة من الأشرطة والكتب كهدية مختلفة عما ألفه الناس، ليربي أهله على الدعوة إلى الله تعالى ونشر الخير بين أولى الناس بهم.
* يوجد بالتسجيلات والمكتبات الإسلامية الكثير من السلاسل العلمية التي أعدت بشكل جميل ومناسب للاهداء.
رابعا: تهذيب نفوسهم وتقويم سلوكهم
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} [التحريم: 6].
74- زيارة الأسر الفقيرة، وتفقد أحوالهم، ومد يد المساعدة لهم.
وبهذه الزيارات تتحقق الصلات، وتقوى الروابط، وتنشأ المشاعر الوجدانية الإيمانية بين المجتمع الواحد، وينتج عنها أثر كبير في قلوب الأهل، فيعرفون نعم الله عليهم، ويقومون بشكرها، ويرضون بما قسم الله لهم منها، ويمدون يد العون لإخوانهم في الدين.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فإنه أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم)).
75- زيارة المرضى في المستشفيات- إن أمنت الفتنة!- ودور النقاهة ومراكز الاعاقة، ليتعرف الأهل على فضل الله عليهم بما يشاهدون من مشاهد الحزن والألم التي يرونها بادية على وجوه أهل البلايا.
* يستحب أخذ بعض الهدايا للمرضى، وخصوصا من هم في مراكز الاعاقة ودور النقاهة لطول مكثهم فيها.
ولا أعني بالهدايا علب الحلوى وباقات الزهور، فالنفع منها قليل، ولكن أقصد الهدايا التي تحيي القلوب وتشرح الصدور، مثل الكتيبات والمطويات.
76- زيارة القبور- للذكور- وتشييع الجنائز، والسير معها إلى حيث توارى الثرى.
فإذا رأى الولد من أبنائه تقصيرا في طاعة الله أو تجرؤا على معصيته، فليأخذ بأيديهم إلى هناك، ويذكرهم بمآلهم بعد مفارقة الدنيا.
فيا لهذه الزيارة... ما أعظم أثرها! وما أكبر عبرها!
77- زيارة المدارس التي ينتسب لها الأبناء والبنات للوقوف على سلوكياتهم وسلوكياتهن، وأبرز مميزات شخصياتهم، والتعرف على مواطن الخلل والزلل في أفعالهم وأقوالهم عندما يشعرون بتغيب رقابة الوالدين عنهم.
78- عندما يخطئ أحدهم خطأ عظيما لا يغتفر.. فإن هناك أسلوبا نبويا للتربية، قد غاب عن كثير من المربين، وهو هجر المخطئ لمدة معينة من الزمن.
فبدلاً من القسوة في القول، والغلظة في الحديث، فلنتعلم أن نقسو عليهم بالكف عن الحديث، والامتناع عن المعاملة.
* راجع قصة الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك.
79- هل جربت أيها الوالد أن تكتب لابنك أو زوجتك أو لأحد من أهل بيتك رسالة؟!
قد تقولي لي: وما الداعي لذلك وهم معي لا يفارقونني؟! أقول: جرب هذا.. ولا تنس أن تدعو لي عندما ترى النتيجة الباهرة!
فعندما ترى من أحدهم سلوكا خاطئا لا ترتضيه منه، ونصحته فلم يأتمر ووعظته فلم ينزجر.. فاكتب له ببراع النصيحة رسالة مدبجة بعبارات المحبة والإشفاق، ثتم اذكر بين ثناياها ما يأتي أو يذر من أمر، وستجني- بإذن الله- ثمرة الرضا بعد غرس بذرة النصيحة بالطريقة الصحيحة.
80- الرحلات المشتركة مع مجموعة من الأسر المحافظة على دينها، والمتوافقة في التزامها، والمتجانسة في استقامتها، ليشعر المسلم الملتزم بعدم الغربة في طريقه، ويجد من يعينه عليه، ومن يمضي معه فيه.
* يحسن إعداد برنامج دعوي متكامل خلال الرحلة، متزامنا ومتلازما مع جانب الترفيه والتسلية بالمباح.
81- استغلال الرحلات الترفيهية والنزهات البرية أو البحرية أو الجوية في تقوية الإيمان في قلوبهم، وذلك بربطهم بخالقهم في كل ما يرون ويسمعون ويعيشون، فيريهم الدنيا بمنظار الآخرة، فالجمال يذكر بالجنة وما فيها من نعيم وخيرات، والقبح والسوء يذكر بنار السموم وما فيها من آفات ومهلكات.
فالجبال تذكر بقوة الله- سبحانه- والسموات تخبر عن قدرته، والبحار تنبئ عن عظمته، والسحاب يومئ إلى رحمته، وهكذا يعيش المسلم مع أهله بقلب الحي المتيقظ.
يردد معهم دائما في تأمل وتدبر، وتذكر قوله تعالى: {هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه} [لقمان: 11].
والمعرض عن الله يعيش سبهللاً بحياة الغافل الجاهل البليد.
82- النصيحة الجماعية للأهل، ويتم ذلك بجمعهم ووعظهم وإسداء النصح لهم دون تخصيص لأحد منهم. وخصوصا للأمور التي يشتركون فيها جميعا، كالترغيب في الصدقة، والإحسان للآخرين، وبذل المعروف لهم، وكف الأذى عنهم، والتحذير من سوء المعتقدات والأقوال والأفعال.
83- النصيحة الفردية لأحد أفراد الأسرة، فعندما يرى رب الأسرة من أحدهم تقصيرا في حق ربه، أو خللاً في أخلاقه أو سوءا في معاملته؛ فإنه ينفرد به عن غيره، ويسدي له النصيحة مدبجة بأعذب الألفاظ وأرق العبارات وأخلص الكلمات.
تعمدني بنصحك في انفراد وجنبني النصيحة في الجماعة
84- التربية من خلال الأحداث والوقائع السارة والضارة التي تحدث للأسرة.
فعندما يحصل للأسرة كفها أو لأحد من أفرادها ما يكره،فإنه يرجع ذلك للذنوب والسيئات والتقصير في حق الله تعالى. وعندما يحدث لهم ما يفرحهم، ويجلب السرور لهم، فإنه يحيل ذلك لكرم الله معهم وفضله عليهم، ولعل أحدهم أحدث طاعة لله تعالى كان من نتائجها توفيق الله لهم فيما يحبون وصرفه عنهم ما يكرهون.
وبذلك تتعلق القلوب بعلام الغيوب في نزول المكروه وحصول المحبوب.
85- تربية الأهل بالمواقف في الأزمات..كالصبر على المقدور، والرضا بالقضاء، والثبات حتى الممات حال الملمات.
فرب الأسرة قلبها ورأسها، فإن استقام القلب تبعه القالب،وإذا جزع وفزع في البلاء بالضراء، وطغى وبغى في البلاء بالسراء، فأهل البيت تبع له في أكثر الأحوال في الأقوال والأفعال، فهم يرونه بعين المقتدي، ويلمحونه ببصر المهتدي. فليتق الله كل مسؤول عن أسرته، فإنهم يقومون به، ويتأثرون بأقواله وأفعاله، ويقتفون بما يصدر منه ويؤثر عنه.
86- الهدايا مطايا المحبة، وبريد المودة، وسبيل التأثر، فكم هدية أرسلت من رب الأسرة لأحد أفرادها مشفوعة بنصيحة لطيفة في كتاب أو شريط أو رسالة أو كلام، فتح لها باب القبول، فالقلوب مجبولة على محبة من أكرمها بالعطاء وتفضل عليها بالبذل والإهداء.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا).
87- فرض رسومات مالية كعقوبة على كل من يتكلم بباطل أو يتفوه بلغو حرام كسب وشتم ولعن وكذب وسخرية، وتوضع تلك الرسوم في صندوق معين، ويجمع ما فيه، ويتصدق بما فيه على الفقراء، بعد رضى الجميع، وقبولهم بالفكرة واقتناعهم بالطريقة.
88- قد ينشغل رب الأسرة عنهم في بعض الأحوال لمدة طويلة من الزمان، ويبتعد عنهم في المكان، وهنا يلزمه استغلال الهاتف للاتصال بهم والسؤال عنهم ومتابعة شؤونهم، وليشعرهم أنه ما زال مهتما بهم وحريصا عليهم ومتابعا لأقوالهم وأفعالهم.
89- تسجيل الأهل في المراكز الصيفية التي تقام في الإجازات لما فيها من تنمية للقدرات وتدريب على المهارات وإشغال للوقت بما يعود عليهم بالخير في دنياهم وأخراهم، ومع وجوب حسن اختيار القائمين عليها ومتابعتهم فيها.
90- الزيارة الجماعية للأقارب وذوي الأرحام والجيران، وتذكير الجميع بوجوب ذلك، وبيان الأجور المترتبة عليها لمن أخلص لله تعالى فيها.
91- اصطحاب الأب لأبنائه الذكور معه في الذهاب والإياب والمجالس المباركة والزيارات النافعة، ليتعلم الأبناء كيف يعاملون الناس ويجالسونهم ويستفيدون منهم ويتأثرون بهم ويؤثرون فيهم.
92- عندما يهتم أحد أفراد الأسرة بالسفر، فإنه يعطي بطاقة وصايا مغلفة، يكتب فيها بعض الوصايا والتنبيهات، وبعض المحاذير والمخالفات، مع عبارات رقيقة، لتكون له زادا مباركا في سفره، ليستعين بها على أمر دينه ودنياه.
مثل: احفظ الله يحفظك- اتق الله حيثما كنت- احفظ بصرك من المحرمات- احذر جليس السوء-... ونحوها، وحبذا لو عطفت بهدية مفيدة كمصحف صغير وكتاب أذكار وبعض الأشرطة المناسبة..
93- مداعبة الأهل بالمباح، وإدخال السرور عليهم بالحلال، ليعلموا أن في ديننا فسحة وفي شريعتنا سعادة وراحة.
عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدلع لسانه للحسن بن علي، فيرى الصبي حمرة لسانه، فيهبش إليه)). وكسباق النبي صلى الله عليه وسلم- لعائشة- رضي الله عنها- في غزوتين من غزواته، وقولها لها: ((هذه بتلك السبقة)). وكإرساله البنات الجواري ليلعبن معها في بيته صلى الله عليه وسلم.
94- زيارة العلماء والدعاة وطلاب العلم وأهل الخير والصلاح في منازلهم وأماكن أنشطتهم الخيرية والدعوية، للتعلم منهم، والاقتداء بهم، والتعاون معهم.
95- القدوة العملية ببر الوالدين والإحسان إليهم، والبذل لهم والرفق بهم والسماحة معهم- إن كانوا أحياء- لما لذلك من أثر إيجابي في تربيتهم.
96- تعليق السوط في مكان بارز في البيت، ليستشعر المخطئ والمفرط والمتعدي أن العقوبة له بالمرصاد إذا زل أو ضل.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علقوا السوط حيث يراه أهل البيت، فإنه أدب لهم)).
97- ترغيب الأهل في الجلوس مع كبار السن للاستفادة من خبراتهم وتجاربهم في الحياة، والوقوف على طبيعة حياتهم وشديد معاناتهم وتحملهم لشظف العيش، وخصوصا من غرف منهم بالحكمة والعقل والاتزان والدين والعلم.
عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(البركة مع أكابركم)).
وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا، فليس منا)).
98- عندما يشتري الوالد سلعة مغشوشة كالفاكهة، فإنه يجمع أهله ليريهم سوء هذه الصنيع ويقبحه في أنظارهم، ثم يدعو بالصفح والمغفرة لمن غشه من المسلمين، ويدعو له بالصلاح والهداية، وأهله يؤمنون على دعائه، فيتعلم الأهل منه الصفح والعفو لمن أساء إليهم أو أخطأ عليهم، ويستشعرون شناعة الغش وقباحة التدليس والتلبيس..
99- الخروج مع الأهل في ليلة مقمرة إلى فلاة مأمونة خارج نطاق العمران، ليريهم بديع صنيع الله في خلق السموات ونجومها وأفلاكها، ويذكرهم بظلمة القبور ووحشتها، وغير ذلك من المسائل التربوية التي ينبغي أن يوقفهم عليها ويريبهم بها.
100- تفريغ أحد المربين الصالحين لملازمة الأبناء وتربيتهم وتعليمهم القرآن وآدابه، والعلم الشرعي وأحكامه، وطبعهم على العادات الحميدة والأخلاق الكريمة، ويمكن إعداد برنامج مشترك لمجموعة من الأسر المتجانسة لكفالة هذا المربي للعناية بأبنائهم.
وأعتقد جازما أن توفير هذا المربي أولى وأنفع من جلب الخادمات في البيوت، فمتى ندرك أن قلوب وعقول أبنائنا أهم وأعظم من أجسادهم وقوالبهم؟!
الخاتمة
أيها الكريم:
هذه عصارة الفكر، وخلاصة التجربة، ونتيجة البحث والتلقي، تراها بين يديك بعد أن أرسلت إليك.
فما وجدت فيها من خير وصواب، فهو من توفيق الكريم الوهاب {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} [هود: 88].
فعض عليها بالنواجذ، واقبض عليها بكف الحرص، وكن بها عالما، وبما فيها عاملاً، وإليها داعيا وعليها صابرا، وادع لأخيك بالقبول والثواب.
وما وجدته فيها من خطأ وخطيئة، فاطرحه جانبا، وانبذه قصيا، فالحق أحق أن يتبع، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، وادع لأخيك بالمغفرة لزلـله، والصفح عن خلله، واعلم أنها ذنوبه التي أركسته، ومعاصيه التي كبلته، وخطاياه حالت بينه وبين الحق، فكن له ناصحا، ومن المخالفة مخلصا، ولن تجد منه إلا آذانا صاغية، وأكفا داعية..
وسلام من الله عليك، ورحمة منه إليك- بفضله وكرمه- وهو ذو الفضل العظيم، وصلى الله على رسولنا الكريم وعلى آله الطيبين الطاهرين.